الحرب التجارية العالمية: الرابح والخاسر؟!

 * العين نائل الكباريتي

هل العالم على شفير حرب تجارية كبرى؟سؤال أصبح واقعاً، حيث يعيش العالم اليوم هاجساً وكابوساً كبيرين بعدما بدأت الولايات المتحدة برئاسة دونالد ترامب تنفيذ مشروع فرض ضريبة بنسبة 25% على الواردات، الأمر الذي حسب وكالة "بلومبيرغ"، سوف تكون نتائجه كارثية على الاقتصاد العالمي، حيث من المرجح أن يحدث تراجع مخيف في نمو الاقتصاد العالمي.

أما صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، ومنظمة التجارة العالمية، فبنظرهم فإنسياسة الحماية التي فرضها الرئيس الأميركي مضرة وتهدد الانتعاش العالمي، الأمر الذي من شأنه أن يشكل خطراً على الدول الكبرى والصغرى معاً، ويؤدي إلى تكرار المآسي التي أعقبت الكساد العظيم والحرب العالمية الثانية عندما أعاق إنتشار سياسة الحماية الانتعاش العالمي.

أيضا فإنالحرب التجارية التي يقودها ترامب قد تكلفالاقتصاد العالمي حوالي ٤٧٠ مليار دولار حسب(Bloomberg Economics)،مع ما يترتب على ذلك من ردود فعل عالمية وإنذار بمزيد من الضرائب والضرائب المضادة، وربما ضربة قاضية على المدى الطويل للناتج المحلي العالمي، مع تقليل المنافسة التجارية، والتي تحول دون تبادل التكنولوجيا والأفكار، وتؤدي فيما تؤديه إلى تقليل الإنتاجية والنمو المستدام للاقتصاد العالمي.

السؤال الذي يطرح نفسه الآن، من هو الرابح؟ ومن هو الخاسر؟ في حرب تجارية بين الصين والولايات المتحدة وأوروبا، مع فرضية أن تصبح العديد من الدول متورطة في هذا النزاع؟.

في ترددات الحروب التجارية، الطبيعي ألا يفوز أحد في هكذا حروب، ويبقى أثرها على الاقتصادات والقطاعات متفاوتة، وقد تكون في بعض الأحيان إيجابية، لكن واقعياً ستكون الاقتصادات الأسيوية الأكثر تأثراً في هذا النزاع، سيما الصينوكوريا الجنوبية وتايوان وفيتنام وماليزيا، والتي تبيع قطع غيار ومعدات الاتصالات للصين؛ وبدورها ترسلها إلى أميركا، كذلك اليابان التي صدرت بمقدار ٧٠٠ مليار دولار السنة الماضية؛ وأهم شركائها التجاريين كانوا الولايات المتحدة والصين.

والمهم في الأمر أن نزعة الحماية التي يتبعها ترامب تستهدفأوروبا أيضاً، مع ما يتأتى عنها من أمور قد تكون بالغة الأهمية لاقتصاد المجموعة الأوروبية، بما جعل المستثمرين يتساءلون حول ما إذا كان تفاقم التباطؤ الاقتصادي بسبب التوترات التجارية العالمية قد يؤخر في سياسة المركزي الأوروبي وتوقيت خروجه من سياسته التحفيزية، التي تهدف إلى تعزيز النمو وتسريع التضخم في منطقة اليورو.

العديد من خبراء التجارة يعتقدون أن العجز ليس قيمة خاصة لتقييم ما إذا كانت العلاقات التجارية عادلة، وفي السنوات الأخيرة، اتخذ الاتحاد الأوروبي تدابير حماية لصناعة الصلب، كما أن تاريخ العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي شهدت هكذا مشاحنات.

من البديهي أن يكون لمنظمة التجارة العالمية دور كبير في هذه المبارزة لمنع اتجاه الأمور إلى مزيد من التعقيد، خصوصاً بعدما بدأت كافة الأطراف المعنية بالنزاع اتخاذتدابير حماية من شأنها الإضرار بالاقتصاد العالمي،ما يضع العولمة ومنافعها في دائرة الشكوك،فهل ستتغلب في نهاية المطاف لغة العقل والمنطق، أم أن العالم سيتجه نحو مزيد من التصعيد؟.

يبقى السؤال الأهم، ما هي التداعيات المحتملة للحرب التجارية العالمية على العالم العربي؟، يقودنا الجواب حتما إلى أن العالم العربي لن يكون بمنأى عن تداعيات هذه الحرب، والخشية أن تكون التداعيات كارثية، خصوصاً في ظل موجات التضخم المرتفعة التي تجتاح الكثير من بلداننا العربية التي تستورد أكثر من 80% من احتياجاتها من الخارج.

ومن هذا المنطلق،يجب علينا كبلدان عربية أن نتنبه للنتائج المتوقعة لهذه الحروب، واتخاذ الإجراءات المناسبة التي تحد من تلك التداعيات، وبالتالي الخروج من هذه الأزمة بأقل الخسائر الممكنة، حيث يكفي وطننا العربي أزماته التي يعيشها والتي أثرت على معدلات النمو، وزادت من حجم البطالة، وأدت إلى تراجع حجم الاستهلاك المحلي، مما انعكس على المزيد من الركود في الأسواق.

* رئيس اتحاد الغرف العربية، ورئيس غرفة تجارة الأردن

02-أيلول-2018 17:32 م

نبذة عن الكاتب